كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يكتفي بالشورى، بل يشجع أصحابه على المبادرة بأبداء مشورتهم، وكان من وسائله التشجيعية على غرس هذه المبادرة في أصحابه.
وتظهر فائدة المشاورة عندما تتم مع أهل الخبرة والاختصاص والمعرفة والاطلاع، الذين تتوافر لديهم دراية فنية وبصيرة في الاشياء وأدراك الامور ، مما يوسع الافق ويفتح المدارك فيجلبه الى جادة الصواب ويختار الصحيح من علم ومعرفة ويزداد هذا الاساس أهمية عندما يتعلق الامر بالأمة ومصالح المجتمع، ومن ثم تُعمل النتائج والافكار على كاهل الجميع الذين تشاوروا وقرروا، لأن الانسان ضعيف بذاته قوي بأخيه لا يستطيع الاحاطة بجوانب الامور المختلطة، وبالمشورة يتجنب عثرات الطريق ومزالق الحياة.
فقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم مشاورون يلازمونه ويستعين بآرائهم في مختلف الظروف والأحوال، وكان على رأس هؤلاء المستشارين ابو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
وما دامت صفة البشرية تبقى قائمة في الانسان مهما علا فانه بذلك يبقى في أمس الحاجة الى استشارة غيره من ذوي العلم والخبرة.
وان واجب ولاة الأمور عدم تهميش ذوي الخبرة، ذلك باستشارة كل فريق في مجال تخصصه.
ان يوماً يصبح فيه التخطيط والتنظيم منهجاً حياتنا عند المسلمين وفي كل المواقع، وخاصة عند القيادات وأصحاب التوجيه هو اليوم الذي يبشر بقدوم مرحلة الاعتماد على النفس.
وتأمل الخطاب القرائي وهو يدعو المسلمين الى اعتماد الشورى منهجا وأسلوبا، فيقول تعالى: { والذين استَجَابُوا لِرَبهم وَأَقامُوا الصَّلَاةَ وَأَمرُهُم شُورَى بَينَهُم وَمَّما رَزقنَاهُم يُنفِقُونَ} الشورى 38
وقوله تعالى: { فَاعفُ عَنهُم وَاستَغفِر لَهُم وَشَاوِرهُم في الأَمرِ } ال عمران 159
وها هو الامام القرطبي رحمة الله ينقل لنا قول ابن عطية الذي يبين:
– بأن الشورى من خصائص هذا الدين.
– وأن واجب ولاة الأمور عدم تهميش ذوي الخبرة، وذلك باستشارة كل فريق في مجال تخصصه.